وزير التشغيل يبشر الشباب العاطل بوصفة جديدة

أطل علينا وزير التشغيل هذه الأيام بما يشبه الفتح المبين عندما قدم نصيحة للشباب العاطل بان يتوجهوا الى التشغيل الذاتي من خلال انشاء مقاولات وشركات بعد ان أضحت الدولة عاجزة عن استيعابهم في الوظيفة العمومية‬.

‎‫وإذا كان السيد الوزير قد انتهز شهر رمضان الفضيل ليسدي للشباب هذا الاقتراح/ النصيحة فنرجو من الله ان يجازيه عنهم خيرا ، لان النصيحة صدقة ، غير اننا لا نرى انه جاء بفكرة جديدة، رغم اننا مقتنعون بان الدولة ليست قادرة على استيعاب كل العاطلين والمعطلين‬ .
‎‫ونعتقد ان الوزير الصديقي أسدى هذه النصيحة للشباب بعد تفكير عميق داخل مكتبه الوزاري منذ 10اكتوبر2013 ، وهو تاريخ تعيينه وزيرا للتشغيل ، وأجرى أبحاثا ودراسات ودرس النظريات الاقتصادية وعاد لأمهات كتب المذهب الماركسي ، لكنه لم يكلف نفسه عناء الاحتكاك بالواقع اليومي في الشارع العام ليتبين له ان اقتراحه هذا إنما يندرج في إطار ما يقوله المثل المغربي الدارج ( اذا طلقتها فلا تريها دار ابيها‬).
‎ ‫التشغيل الذاتي الذي تقترحه أيها الوزير وبالطريقة التي قدمتها هو امل شريحة عريضة من الشباب، لكنه مجرد كلام غير قابل للتحقيق‬ .
‎ ‫هل تعلم يا وزير التشغيل ان التشغيل الذاتي يحتاج الى رأسمال ، والرأسمال يحتاج الى قروض ، والقروض مصدرها الأبناك، والأبناك لا تعطي القروش الا استثناء‬.
‎ ‫وهل تعلم انه لحل هذه الإشكالية اخرجت حكومات سابقة نماذج للتمويل اذكر منها ( المقاولون الشباب) و ( مقاولتي) وهما طريقتان للتمويل لم يعمرا طويلا لأسباب مالية واقتصادية واجتماعية‬ .
‎‫وان الشباب العاطل يؤمن معظمه بالاعتماد على التشغيل الذاتي، لذلك ترى حملة الإجازات والماستر بل وحتى بعض الدكاترة يشتغلون في سيارات الأجرة وفي شركات الامن الخاص يحرسون الأبناك والمؤسسات العمومية ويعملون حراسا للسيارات ويفترشون الارض يعرضون عليها الخضر والفواكه والأسماك رغم مضايقات ( اصحاب الحال ). ومطارداتهم‬.
‎‫الشباب العاطل أيها الوزير يناشد الحكومة ويطالبها بتوفير امر هام واحد لا ثاني له ، وهو تكافؤ الفر ص بين الجميع‬ .
‎‫شبابنا يعاني انعدام تكافؤ الفرص ، شابان يتخرجان من كلية او معهد، احدهما يتوجه مباشرة الى مكتب وثير مكيف ليتحمل مسؤولية في إدارة او مؤسسة عمومية براتب جد محترم ، والثاني يخرج الى الشارع ليبدأ رحلة البحث عن عمل ، وحتى اذا اسعفه الحظ فلن يكون سوى ( شاوش) لزميله السابق، لا لشيء الا لان الشاب المحظوظ دفعت به شخصية نافذة لهذا المنصب‬ .
‎ ‫هناك حقائق صامدة عن انعدام تكافؤ الفرص أيها الوزير، لو قمت باستعراضها في هدوء فإنك ستصاب بذهول شديد، ، منها على سبيل المثال فقط ان مؤسسة عمومية جد هامة مكلفة بتسيير الودائع والأموال قررت الاستغناء عن خدمات بعض كبار موظفيها النزهاء مقابل صرف رواتبهم كاملة غير منقوصة عن كل السنوات المتبقية ، لا لشيء، سوى لإفساح المجال لتلبية الضغوطات والطلبات الواردة من شخصيات سياسية وبرلمانية واقتصادية نافذة لتوظيف أبنائها واقربائها‬.
‎ ‫وأخيرا احكي لك سيدي الوزير قصة واقعية عن انعدام تكافؤ الفرص، كنت شاهد عيان عليها ، ذلك ان شابا مجازاً اضطرته الحاجة الى العمل بعد ان أضناه الانتظار، فقبل الانضمام للعمل مع (نكافة ) في مجال الأعراس ، وكلفته هذه الاخيرة مع اخرين بحمل ( العمارية) ليكتشف المسكين ان العريس لم يكن سوى زميل سابق له في مدرجات الجامعة تمكن من التسلق الى وظيفة عليا بفضل المحسوبية والزبانية‬.
‎‫الشباب لا يريد اقتراحات من قبيل ما قدمته أيها الوزير، انه يريد اولا وقبل كل شيء تكافؤ الفرص بين كل الخريجين‬.
 
المصدر :عمر الدركولي جريدة العلم
25 - 07 - 2014